اقتصاد

ماذا حدث لثاني أكبر شركة عقارية صينية Evergrande وماذا ستفعل الحكومة لحل الأزمة

تعرف على قصة شركة Evergrande الصينية، وماذا ستفعل الحكومة الصينية، ستتدخل لإنقاذ الإقتصاد الصيني من كارثة وشيكة أم تستسلم للأمر الواقع؟

أصبح خبر إفلاس شركة Evergrande الصينية حديث الصحف والقنوات العالمية، وأحدث ضجة في الأوساط المالية والإقتصادية نظراً لإحتمالية تأثيره على الإقتصاد العالمي وليس الإقتصاد الصيني فقط.

شركة Evergrande تعد واحدة من أكبر شركات التطوير العقاري في العالم، وثاني أكبر مطور عقاري في الصين، وتمتلك الشركة أكبر مصنع للسيارات الكهربائية في الصين، بجانب العديد من الإستثمارات في قطاعات أخرى حيوية.

الشركة على وشك إعلان إفلاسها بسبب عدم قدرتها على سداد مستحقات بقيمة ٣٠٠ مليار دولار، في صورة قروض بنكية وقروض من مستثمرين، وفي صورة أرباح لم يتم توزيعها على مالكي أسهم الشركة.

حجم دين شركة Evergrande حالياً يجعلها أكبر شركة مثقلة بالديون حول العالم.

– ماذا حدث لشركة Evergrande بالتحديد

بحسب الإحصائيات الرسمية، يساهم القطاع العقاري الصيني بـ٣٠٪؜ من الناتج المحلي الإجمالي للصين، وهو أكبر مرتين من حجم القطاع العقاري الأمريكي.

ومن المعروف أن هناك إقبال كبير في الصين على العقارات، على مستوى الشراء والإستثمار، أدى هذا الإقبال الشديد مع ثقة المستثمرين الزائدة بمرور الوقت إلى رفع قيمة العقارات بأكبر من قيمتها الحقيقية، لدرجة جعلتها مماثلة لأغلى مدن العالم.

وهو ما أدى في النهاية إلى عدم القدرة على السداد من جانب أصحاب العقارات الحالية، مع تناقص نسبة الإقبال على تلك العقارات الباهظة الثمن، فأصبحت ٢٠٪؜ من العقارات في الصين خالية تماماً.

وهو ما يتشابه بشكل كبير مع أزمة الرهون العقارية في الولايات المتحدة عام ٢٠٠٨، والتي أدت لإفلاس بنك Lehman Brothers، وأزمة مالية عالمية جديدة.

إلا أنها كانت أكبر بكثير من أزمة شركة Evergrande، حيث وصل حجم الخسائر إلى ٦٠٠ مليار دولار، تحديداً ضعف خسائر شركة Evergrande، بجانب بيع تلك الديون عدة مرات بفوائد متراكمة لمستثمرين وبنوك أجنبية، لذلك إمتد تأثير الأزمة للعالم أجمع.

تعرف تلك المشكلة إقتصادياً بالفقاعة، يتزايد حجمها بإرتفاع قيمة المنتج أو الأصل بشكل غير منطقي عن قيمته الحقيقية، ثم تنفجر عند ذروتها مسببة هبوط شديد في القيمة، وهذه هي بالتحديد مرحلة الأزمة المالية.

وتتحول الأزمات المالية من كونها محلية إلى أزمات “عالمية” إذا كانت هناك نسبة كبيرة من البنوك والمستثمرين الأجانب في المؤسسة المتسببة في الأزمة.

حينما تقع مثل هذه الأزمات تحدث عملية تعرف إقتصادياً بـ”التصحيح”، فالأزمة تعمل بشكل تلقائي دون تدخل على إبطاء عجلة السوق وإعادتها مرة أخرى لمسارها الطبيعي لتتناسب مع العرض والطلب.

وتستغرق مدة التصحيح عادة مابين ٥ إلى ١٠ سنوات، وذلك بحسب حجم الأزمة وقدرة الدولة على التدخل لحل المشكلة في أقصر وقت ممكن.

– ما ستفعل الحكومة الصينية لحل الأزمة

ماذا ستفعل الحكومة الصينية لحل الأزمة؟ هل ستترك الشركة تعلن إفلاسها بالتالي تضيع ٣٠٠ مليار دولار من الديون، أم سيضخ البنك المركزي الصيني بعض الأموال لسداد الديون والإستحواذ على الشركة، أم سيقوم مستثمر أو بنك بالإستحواذ على بعض أو جميع ممتلكات الشركة؟

من المعتقد بشكل كبير أن الحكومة الصينية ستعمل على حل المشكلة وتفادي الآثار الإقتصادية والإجتماعية التي قد تنجم عن تلك الأزمة، ويتوقع الخبراء أن تتجاوز الصين تلك الأزمة إلتي بالتأكيد ستترك بعض الآثار السلبية خاصة على قطاع العقارات.

فأول إجراء عملي قامت به الحكومة الصينية هو إصدار الأمر لبعض البنوك المحلية بشراء حصص في شركة Evergrande، كما أمرت الشركة بتحويل أي مبالغ واردة من مبيعاتها إلى حسابات الشركة في البنوك الحكومية، وليست حساباتها الخاصة وفقاً لرويترز.

لتستطيع على الأقل تأمين بعض الديون المستحقة المستعجلة للشركات والمستثمرين، وتمهيداً لإعادة هيكلة الشركة، مع ذلك وفقاً لموقع CNBC لا يتوقع أن تتدخل الحكومة لإنقاذ الشركة بشكل مباشر عبر سداد الديون من خلال الإحتياطي النقدي.

كذلك يتوقع الخبراء أن يكون تأثير أزمة Evergrande كبيراً لكن ليس بدرجة “كارثي”، خصوصاً على المستوى العالمي، فحجم ديون المستثمرين الأجانب في الشركة يقدر بـ٢٠ مليار دولار فقط من إجمالي ديون ٣٠٠ مليار دولار.

وسيكون أمام قطاع الإقراض الصيني الذي يعتبر المتسبب الأول في هذه الأزمة إعادة تصحيح مساره، حيث ترك نسبة الديون العقارية تصل إلى مستويات قياسية مقارنة بدخل الفرد، حيث بلغت ١٢٨٪؜، أي أن المقترض لن يستطيع السداد حتى يزيد دخله بنسبة ٧٠٪؜ على الأقل.

في جميع الأحوال هناك أزمة مالية وشيكة الحدوث في الصين، وكل ما بوسع الحكومة الصينية فعله هو التخفيف قدر الإمكان من حدة تأثيرها على الإقتصاد الصيني.

أحدثت تلك الأزمة إهتزازاً في الصورة الإقتصادية الصينية التي كان يُضرب بها المثل في التطور الإقتصادي حول العالم، وقللت من ثقة المستثمرين المحليين والأجانب في القطاع العقاري الصيني.

لذلك من المؤكد أن حلها سيكون معقداً بعض الشئ، وسيستغرق الوقت، حتى يعود الإستثمار العقاري الصيني العملاق إلى مساره الطبيعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *