مال وأعمال

شركة كوكاكولا من ٩ زجاجات إلى ٢ مليار زجاجة مباعة يومياً

بعد أكثر من مائة عام على تأسيسها، لماذا تظل شركة كوكاكولا في صدارة الشركات الناجحة والأكثر مبيعاً في التاريخ؟

إقرأ في هذا المقال
  • كيف ظهر مشروب كوكاكولا
  • بداية نجاح كوكاكولا ١٨٩٣ : ١٩٠٤
  • القفزة الحقيقية لشركة كوكاكولا
  • كوكاكولا في مواجهة بيبسي

لا شك أن الجميع يعرف مكانة شركة كوكاكولا بين جميع شركات المشروبات الغازية الأخرى، بل ومن بين جميع الشركات في جميع المجالات، وتفردها على رأسهم.

لكن هل سألت نفسك يومًأ عن سبب نجاح شركة كوكاكولا؟ وعن العقبات التي واجهتها في بداية عهدها بالسوق؟ وكيف تعاملت مع المنافسين، وتغلبت عليهم لتبقى في المكانة الأولى دائمًا؟

في هذا المقال سنتناول الحديث عن قصة نجاح شركة كوكاكولا، وكيف بدأت، وماهي أهم إستراتيجيات التسويق التي عززت هذا النجاح.

– كيف ظهر مشروب كوكاكولا

من الشائع والمتداول على لسان الجميع، أن مشروب كوكاكولا ما هو إلا مشروب صنع بالصدفة والكثير من الحظ الجيد، حيث صنعه أحد الصيادلة المدعو ” جون ستيث بمبرتون” وكان ذلك في بداية عام ١٨٨٦ في ولاية جورجيا الأمريكية.

من ٩ زجاجات لـ٢ مليار زجاجة مباعة يومياً، قصة نجاح شركة كوكاكولا

وذلك عندما كان جون يعاني من إضطرابات في النوم، بسبب ألم شديد في الرأس أوشك بسببه على إدمان البروفين، فحاول إنتاج دواء يخفف من أعراض الصداع، ويمنعه من تناول البروفين بكميات كبيرة.

وأثناء محاولاته وصل إلى خلطة لها طعم مميز، وعند إضافة السائل الغازي لها يصبح الطعم أجمل، من هنا عرف الكثير من المرضى بهذا الدواء الشافي من الصداع وعسر الهضم، وأصبح الجميع يشتريه من الصيدلية.

ولما أصبح هناك إقبال كبير على المنتج، قام المحاسب (فرانك روبنسون) مساعد الصيدلي جون، بإطلاق الإسم الحالي لشركة كوكاكولا، كما أنه أول من رسم شعار كوكولا الحالي.

من ٩ زجاجات لـ٢ مليار زجاجة مباعة يومياً، قصة نجاح شركة كوكاكولا

ظل الوضع كما هو عليه وأحب الناس هذا المشروب الجديد اللذيذ، وكانت الصيدلية تبيعه حينئذ بخمسة سنتات للكوب الواحد.

توفى جون ولم يشهد تطور المنتج ونجاح إختراعه العظيم، ثم جاء رجل أعمال يدعى (آسا غريغز كاندلر) وإشترى الشركة كاملة بمبلغ ٢٣٠٠ دولار.

– بداية نجاح كوكاكولا ١٨٩٣ : ١٩٠٤

بدأ رجل الأعمال آسا بعد شراء كوكاكولا بالتفكير في إستراتيجيات تسويقية جديدة، والإبداع في تسويق المنتج، وزيادة الحصة السوقية له، وتعريف الجميع به.

ومن هنا تبادرت إلى ذهنه فكرة جميلة يستخدمها المسوقين الأذكياء لتوعية الناس بمنتجاتهم في طريقة “الجروث هاكينج” وهي تقديم عينات مجانية من المنتج.

فبعد أن كان عدد المبيعات في شركة كوكاكولا ٩ زجاجات أصبحت ٢ مليار زجاجة وذلك على مدار اليوم الواحد، والذي ساعد الشركة في هذا النجاح الساحق، هو التخطيط الجيد منذ البداية.

كانت فكرة آسا جميلة وساعدته في الوصول لهدفه، فهو يؤمن جيدًا بجمال مذاق طعم المشروب، ويعلم أن من يتذوق المنتج يعجب به أيضًا، لذلك إعتمد على توزيع كميات مجانية لتوعية الناس فقط بالمنتج ومذاقه الخاص.

قام آسا بتوزيع عينات مجانية من مشروب كوكاكولا، بحيث يتذوقه أكبر كمية من الناس، ويعلمون بمذاقها الجميل، هذا بالطبع بعد أن تم إضافة السكر لخلطة كوكاكولا حتى تصبح بهذا المذاق الجميل.

هل تعتقد أنه اكتفى بذلك! قطعًأ لا! بل قام بوضع إعلانات ولوجو الشركة في كل مكان أمام الجماهير، وقام بتوزيع عينات مجانية للصيدليات، ومحال التسوق، ومن هنا أصبح إسم ومنتج شركة كوكاكولا يمر أمام الجمهور كل وقت في اليوم.

مما جعل الناس دائماً يتذكرونها، وبسبب مذاقها الجميل، أصبحت لديهم رغبة مُلحّة لتذوقها مرة أخرى، وبذلك سيدفعون لأجل الحصول عليها.

ومن هنا بدأت المشتريات في تزايد شديد، فتعددت فروع شركة كوكاكولا في الولايات المتحدة الأمريكية، في كلٍ من لوس أنجلوس، وشيكاغو، ودالاس.

بعد ذلك تولى رئاسة الشركة “جوسيف بيدنهارن” وهو رجل أعمال من ولاية ميسيسيبي الأمريكية، وهنا كان التحدى أقوى بالنسبة له ليزيد الحصة السوقية ويُبدع أكثر في إنتشار شركة كوكاكولا، والحق أن نجاح الشركة الأكبر تأتّى بمجهود هذا المسوِّق العظيم.

حيث قام بتعبئة مشروب كوكاكولا في زجاجات بدلًا من بيعه في أكواب بلاستيكة مكشوفة، وبهذا القرار تقدمت شركة كوكاكولا كثيرًا وزادت كمية الزجاجات المباعة.

من ٩ زجاجات لـ٢ مليار زجاجة مباعة يومياً، قصة نجاح شركة كوكاكولا

كان منظور جوسيف في التسويق للمنتج، أن يربطة بعلامة وتصميم معين، بحيث يبقى قريب من الناس، ويصبح من السهل عليهم التعرف عليه في الظلام حتى.

كما أنه أراد بتصميم الزجاجة أن يعبر عن منتج كوكاكولا الأصلي، وأصبح يحفز الجميع تحت شعار” إشتري كوكاكولا” ” احصل على الأصلي”.

مرت السنوات وزاد نجاح شركة كوكاكولا، وإرتفعت حصتها السوقية، وأصبحت تمتلك متاجر منتجة لمشروب كوكاكولا في عدد كبير من دول العالم منها كوريا، كندا، فرنسا، كوبا وغيرها.

فبعد أن كان عدد الفروع المنتجة لكوكاكولا إثنان فقط في الولايات المتحدة، أصبح العدد أكثر من ألف فرع مُنتِج لمشروب كوكاكولا حول العالم.

– عام ١٩٢٣ القفزة الحقيقية لكوكاكولا

بعد أن إمتلك الشركة كلاً من آسا كالدنر وإرنست، ظهر عبقري التسويق “روبرت وودرف” الذي أصبح مالكًا للشركة فيما بعد، وإستطاع أن يتربع على عرش الشركة لمدة ٦٠ عامًا.

كرس فيها جهده للتسويق لمشروب كوكاكولا حول العالم، ليصبح بالفعل المشروب الأول عالميًا.

وما قام به وودرف هو التأثير على مشاعر الجمهور، وربط مشاعر الفرح والسعادة ومشاركة المشاعر الجميلة بمنتج كوكاكولا، ويعتبر هذا أحد أنجح طرق التسويق على الإطلاق وأكثرها تأثيراً على نسبة المبيعات.

من ٩ زجاجات لـ٢ مليار زجاجة مباعة يومياً، قصة نجاح شركة كوكاكولا

فبدلًا من إهتمامه بالتركيز على مميزات كوكاكولا، ودعوة الجميع لشرائه كي يستمتعوا بمذاقه، إستطاع ربط المشاعر الجميلة التي تحدث لهم عندما يشربون الكوكاكولا.

إنهم حتمًا يستمتعون بها، وبطعمها اللذيذ، والجميع يبحث عن السعادة، لذا ركز في التسويق على أن شرب الكوكاكولا هو أحد أسباب الحصول على السعادة والمشاعر الإيجابية.

كما إستطاع تطوير هذا المفهوم وتأصيله في نفوس الجمهور بإنشاء ثلاجات كوكاكولا في الشوارع والأماكن العامة، وعليك أن تحتضن الثلاجة كي تحصل على الكوكاكولا التي ترغب بها.

لم يكتفي بذلك فقط، بل إستغل الألعاب الأولمبية وقتها وقام بتوزيع الكوكاكولا على المشاركين، وكانت المرة الأولى لمشاركة كوكاكولا في حدث عظيم مثل ذلك، ثم مشاركتها في الحرب العالمية الثانية أيضًا، وسيأتي الحديث عنها في الفقرة التالية.

لكننا كمسوقين يمكننا التعلم من دهاء هذا المسوق العملاق وودرف، الذي إستطاع زيادة الإستهلاك بتوفير العينات المجانية في أكبر الأحداث التاريخية.

وإستطاع أيضاً التطوير من شكل المنتج، عن طريق تعبئة مشروب كوكاكولا في زجاجة كان يمكنها التفكك إلى إثنين من الكان تحت شعار شارك مشروبك المفضل مع صديقك.

من ٩ زجاجات لـ٢ مليار زجاجة مباعة يومياً، قصة نجاح شركة كوكاكولا

كل هذه الحيل عملت على إرتباط الجمهور بكوكاكولا وحبهم الشديد لها، كأنها مصدر سعادة بالنسبة لهم.

بعد أن قامت الحرب العالمية الثانية، وفي فترة الكساد العظيم، إستطاعت شركة كوكاكولا أن تساند الجمهور وتقلل التكلفة المالية لزجاجة الكوكاكولا لكل جندي.

إن هذا بمثابة تقدير من كوكاكولا للوضع الإقتصادي المتردي، ورغبة منها في التواجد مع عملائها في أوقات السعادة والحزن.

وقد كان ذلك سببًا كبيراً في دعم الكثيرين لشركة كوكاكولا وإرتباطهم بالمنتج أكثر من أي وقت مضى.

كما أن توزيع مشروب كوكاكولا على الجنود، من بينهم من تذوق مشروب كوكاكولا للمرة الأولى أدى لنتائج إيجابية في النهاية، بأن زادت نسبة التوعية بالمنتج، وزادت أيضًا نسبة المبيعات.

من ٩ زجاجات لـ٢ مليار زجاجة مباعة يومياً، قصة نجاح شركة كوكاكولا

منذ ذلك الوقت إنتشر المنتج في جميع دول العالم، وأصبحت المتاجر المنتجة لمشروب كوكاكولا منتشرة بكثرة حول العالم. 

– كوكاكولا في مواجهة بيبسي

عام ١٩٧٠ وفي ظل التقدم الشديد والنجاح الكبير الذي حظيت به شركة كوكاكولا، تظهر شركة “بيبسي” كأكبر منافس لها، يتحدى بنفس طعم المشروب، بل كان مشروب بيبسي أجمل في الطعم من كوكاكولا.

وكانت هذه خطة بيبسي، في التسويق لمنتجها، فكانت تركز بشدة على جمال طعم المشروب، حتى أن لها بعض الحملات الدعائية تسمى “Blind Taste Test” أي إختبار التذوق الأعمى.

وهذا الإختبار يقوم على تحديد طعم المشروب الأفضل، عن طريق وضع مشروب كوكاكولا في زجاجة ومشروب بيبسي في زجاجة أخرى، ومن يتذوق المشروب عليه تحديد طعم أيٍ من المشروبين أفضل في المذاق والطعم، ومع سوء حظ كوكاكولا كان مشروب بيبسي هو الأفضل في المذاق.

مما تسبب في قلق شديد لكوكاكولا، ودعاها لإنشاء حملة إعلانية جديدة لتسديد ضربة قوية لشركة بيبسي وإثبات أفضليتها.

تُرى ماذا حدث؟ وهل نجحت الخطة التسويقية؟ 

بدأت كوكاكولا في تغيير طعم المشروب بإضافة مواد وخلطات سرية، وقامت بتجربة المنتج على أكثر من ثلاثمائة ألف مواطن أمريكي، وأثبتت أن الطعم الجديد أفضل في المذاق من طعم كوكاكولا القديم، ومن طعم بيبسي أيضاً وذلك بنسبة ٦٠٪؜.

ثم بدأت كوكاكولا بحملات إعلانية للتوعية بشكل المنتج الجديد والذي سُمّيَ (New Coke)، ظنًا منها أنها ستسحق بيبسي، وتعود الأفضل عالميًا، ولكن لسوء الحظ مرة أخرى لم تنجح خطة كوكاكولا!

كما قلت نسبة مبيعات كوكاكولا وإنحدرت تمامًا، وإرتفعت نسبة مبيعات بيبسي حتى أصبحت الأولى عالميًا، وثار الشعب الأمريكي تجاه منتج كوكاكولا الجديد.

لدرجة خروج بعض المظاهرات التي تطالب بعودة المنتج القديم، مبررين أن أطفالهم لن يتعرفوا على المنتج الجديد.

هنا لم تنتبه كوكاكولا لأمر هام جدًا، أنها طوال الحملات الإعلانية السابقة لها، كانت تركز على التأثير على مشاعر الجمهور، وربط مشاعر السعادة بمشروب كوكاكولا.

ولما إنتبهت الشركة لهذه الخسائر، قامت بجمع المنتج الجديد من الأسواق مرة أخرى، وإعادة المنتج القديم، مع زيادة حملاتها الإعلانية بربط مشاعر السعادة بمشروب كوكاكولا وكانت من بينها حملة “Share A Coke”.

لتعود بذلك كوكاكولا الأولى عالميًا مرة أخرى، وتتفوق على بيبسي.

الخلاصة..

شركة كوكاكولا كانت ولا تزال متفوقة في التسويق وحجم المبيعات والنمو بفضل العقلية التسويقية الفريدة لرؤساء الشركة المتعاقبين.

وبفضل محاولات نشر المنتج بطرق متعددة كتوزيعه مجاناً في الأحداث الهامة، وربط كوكاكولا بمشاعر السعادة مما يجعل المستهلك يشعر بتغير المزاج أثناء شرب زجاجة كوكاكولا باردة.

وأخيراً بفضل مراقبة سلوك عملائها والإستجابة لهم، وطرح المنتجات التي يحبها الناس، ولو أدى ذلك لخسائر كبيرة كما حدث بسبب سحب المشروب الجديد من السوق.

وأنت برأيك ماهي أسباب بقاء شركة كوكاكولا في الصدارة لأكثر من قرن؟ اكتب لنا رأيك في مشكوراً في التعليقات.


اكتشاف المزيد من تجارة واقتصاد

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى