مال وأعمال

كيف تسببت “جيم ستوب” في كارثة لصناديق التحوط الأمريكية؟ وما علاقة إيلون ماسك بالأزمة؟

كيف أثر مجموعة من الشباب على الإقتصاد الأمريكي؟ وكيف إرتفع سهم جيم ستوب هذا الإرتفاع الجنوني؟ وكيف وجد إيلون ماسك فرصة للإنتقام في تلك الأحداث؟

إقرأ في هذا المقال
  • نبذة عن شركة جيم ستوب GameStop
  • كيف أحدثت جيم ستوب أزمة في الولايات المتحدة
  • ماهو البيع على المكشوف Short Selling
  • من هم جماعة وول ستريت بيتس Wallstreetbets
  • دور إلون ماسك في إشعال الأزمة ودوافعه

لم نكد نسمع أو نقرأ شيئاً في الأيام القليلة الماضية إلا عن قضية سهم جيم ستوب GameStop التي هزت الولايات المتحدة، ونتج عنها خسائر فادحة لصناديق التحوط ETFs التي يعرف أصحابها بـ”حيتان وول ستريت”.

حيث قام شباب لا يعدون كونهم “هواة” في وول ستريت بتوجيه ضربة قاصمة للحيتان عن طريق منتدى في موقع التواصل الشهير ريديت.

فما هي القصة؟ وما مدي تأثير ما فعله شباب مجموعة “وول ستريت بيتس” علي البورصة الأمريكية؟ وهل أصبح من الآمن التداول في البورصة الأمريكية في الوقت الحالي؟ ولماذا أشعل إيلون ماسك فتيل الأزمة؟

في بداية الأمر هيا بنا نتعرف سويًا كيف بدأت الأزمة، وما هي شركة جيم ستوب…

– نبذة عن شركة جيم ستوب GameStop

هي شركة أمريكية للبيع بالتجزئة في مجال أجهزة وأشرطة ألعاب الفيديو والإلكترونيات، ويقع المقر الرئيسي لها في ولاية تكساس، وتعد أكبر بائع تجزئة لألعاب الفيديو في العالم.

تمتلك شركة جيم ستوب أكثر من خمسة آلاف متجر بيع حول العالم في الولايات المتحدة، كندا، أستراليا، نيوزيلندا، أوروبا، ودول أخرى عديدة.

تأسست الشركة في دالاس عام ١٩٨٤ بإسم باباج، وتم تغيير الإسم ليصبح GameStop في عام ١٩٩٩، وتضم شركة جيم ستوب عدة علامات تجارية مثل GameStop وEB Games وThinkGeek ومايكرومينيا زينج.

– كيف أحدثت جيم ستوب أزمة في الولايات المتحدة

شهدت أسهم شركة جيم ستوب هبوطاً منذ منتصف عام ٢٠١٠ لسببين، الأول هو تحول مبيعات ألعاب الفيديو من المحال التجارية إلى شبكة الإنترنت، والثاني هو إستثمارات شركة GameStop الفاشلة في بيع الهواتف الذكية بالتجزئة.

وقد زادت حدة الخسائر بسبب جائحة كورونا COVID-19، التي عززت التسوق عبر الإنترنت خصوصاً في مجال الألعاب الإلكترونية، بسبب بقاء الناس في منازلهم.

وبطبيعة الحال أدى هذا الأمر إلى تدني سعر سهم الشركة، مما جذب صناديق التحوط للمراهنة على هبوط السهم وتحقيق مكاسب من ذلك الهبوط، وهي طريقة تعرف في مجال الإستثمار بالـ(شورت سيلينج).

– ماهو البيع على المكشوف أو الـ(شورت سيلينج – Short Selling)

هي وسيلة تسمح للمستثمر بإقتراض أسهم من مستثمر آخر بهدف بيعها فى الوقت الحالى، ثم إعادة شرائها مرة أخرى لاحقًا بسعر أقل، لتحقيق ربح يعادل الفرق بين قيمة البيع وبين تكلفة إعادة الشراء.

ثم يقوم المقترض بإرجاع الأسهم المقترضة لمالكها الأصلى مع سداد نسبة فائدة متفق عليها.

وكان (الشورت سيلينج) أحد أبرز مطالب العاملين بسوق المال فى إطار سعيهم لتطوير البورصة وإدخال أدوات وآليات جديدة، وهي طريقة ليست مرغوبة في الأسواق العربية، لأنها تعتبر صورة من صور المقامرة.

إلا أن تطبيقها ونتائجها وآثارها على السوق المحلية لم يكن على قدر وحجم تكرار المطالبة بها، وقد تم تطبيقها في البورصة المصرية في ديسمبر ٢٠١٩.

يقول بعض خبراء أسواق المال أنها كانت إحدى أسباب حدوث الأزمة المالية العالمية عام ٢٠٠٨، التي عرفت بأزمة الرهون العقارية.

– مثال على الـ(شورت سيلينج – Short Selling)

تتم عملية البيع والشراء ببضاعة ليست في حوذة البائع، فمثلا يمكن أن يقترض شخص على دراية بسوق الأجهزة الإلكترونية، جهاز حاسوب من صديق له على أن يرده إليه بعد ٤ أسابيع.

فيقوم هذا الشخص يعرض الحاسوب في الإنترنت للبيع بمبلغ ١٢٠ دولار، وهذا الثمن يقل عن ثمن الحاسوب الحقيقي ٢٠ دولار، أي أن صاحبه الحقيقي إشتراه بـ١٤٠ دولار.

لكن المقترض يعتقد بناءً على معرفته بالسوق أن الحاسوب سيقل ثمنه في السوق ليصل إلى ١٠٠ دولار فقط، فيشتري المقترض حاسوباً مشابهاً بسعر ١٠٠ دولار، ويرده إلى صاحبه.

ليكون قد ربح في تلك العملية ٢٠ دولار، بسبب إنخفاض سعر الحاسوب في السوق. وهذا هو البيع على المكشوف، أو الـ”شورت سيلينج “.

لكن إذا لم ينخفض سعر الحاسوب في السوق، فسيكون عليه شراء آخر جديد لصديقه بمبلغ ١٤٠ دولار، ويكون بذلك قد خسر ٢٠ دولار.

– أمور إيجابية حدثت لجيم ستوب في ٢٠٢٠

كيف تسببت "جيم ستوب" في كارثة لصناديق التحوط الأمريكية؟ ولماذا أشعل إيلون ماسك فتيل الأزمة؟
سهم جيم ستوب وصل إلى ٣٥٠ دولار نهاية يناير ٢٠٢١ ثم عاود الهبوط إلى ٥٠ دولار حتى ٩ فبراير

الجدير بالذكر أيضًا أن شركة جيم ستوب مرت ببعض الأمور الإيجابية في العام الماضي ٢٠٢٠، كحدث إطلاق بلايستيشن ٥، وحدث إطلاق إكس بوكس بإصداريه S و X.

مما أدى لزيادة مبيعات الشركة، كما أن “رايان كوهين” مؤسس شركة Chewy إشترى ١٠٪؜ من أسهم شركة جيم ستوب، وعاد ليشتري ٣٪؜ أخرى من أسهم الشركة في أغسطس الماضي.

بمبلغ يصل إلى ٧٥ مليون دولار، ليصل هذا المبلغ في غضون أسابيع إلى مليار و٣٠٠ مليون دولار، أى ما يعادل ٩٠ مليون دولار في اليوم.

كما أن شركة مايكروسوفت كان لديها دور أيضًا بالتعاقد مع شركة جيم ستوب، مما زاد إلى حد ما من قيمة سهم جيم ستوب.

ولكن هذا لم يبعد أعين صناديق التحوط عن هذه الشركة، بل ظلوا يمارسون نوعاً من الضغط على السهم عن طريق بيعه بكثافة، للمساعدة في هبوط سعره والحصول على أرباح.

وفى نفس الوقت ظلت جماعة وول ستريت بيتس تناقش تلك الأفعال بكثافة علي منصة ريديدت للتواصل الاجتماعي.

– من هم جماعة وول ستريت بيتس Wallstreetbets؟

كيف تسببت "جيم ستوب" في كارثة لصناديق التحوط الأمريكية؟ ولماذا أشعل إيلون ماسك فتيل الأزمة؟
صفحة وول ستريت بيتس على موقع Reddit

هو منتدى في موقع ريديت يحتوي في الوقت الحالي على أكثر من ٨ مليون عضو، قام بتأسيسه (جايمي روغوزينسكي) لمناقشة أمور لها علاقة بتداول الأسهم والخيارات.

لقد أصبح هذا المنتدى معروفًا بطبيعته العدوانية في إستراتيجيات التداول، ودوره في الضغط القصير (Short Squeez) على أسهم شركة جيم ستوب عن طريق التحريض على شرائه بكثافة، مما تسبب في خسائر فادحة لأهم صناديق التحوط الأمريكية.

خسائر تجاوزت الـ٧٠ مليار دولار أمريكي في غضون أيام قليلة في أوائل عام ٢٠٢١، وعلي رأس هذه الصناديق صندوق ميلفن كابيتال الذي خسر ٥٣٪؜ من قيمته بفعل هذه الأزمة.

– صندوق ميلفن كابيتال وسيتادل والتواطؤ مع منصة روبن هود

خسر صندوق التحوط ميلفن كابيتال نحو ٥٣٪؜ من قيمته خلال يناير بسبب ما فعله جماعة وول ستريت بيتس التي دفعت المستثمرين الصغار نحو شراء أسهم جيم ستوب، مما دفع أسهم الشركة إلى الزيادة بنسبة ١٧٠٠٪؜.

فقد بلغ إجمالي قيمة ميلفن كابيتال في بداية ٢٠٢١ حوالي ١٢.٥ مليار دولار، ولكنها تراجعت إلى ٨ مليار دولار بحلول نهاية يناير.

وحصل الصندوق على تعهدات من المستثمرين الحاليين بتوفير مزيد من رأس المال في الأيام الأخيرة من الشهر الماضي، وتلقى ميلفن كابيتال ما يزيد عن ٢ مليار دولار من صندوق التحوط سيتاديل.

ولكي يحد صندوق سيتادل من الخسائر لما بينها وبين منصة روبن هود من تعاملات خفية، قامت منصة روبن هود بوقف التداول على سهم جيم ستوب، مما أدى إلى هبوط السهم من ٥٠٠ دولار إلى ٢٥٠ دولار.

ولكن هذا أثار غضب رواد موقع ريديت، وخرجت بعض التظاهرات ضد منصة التداول الشهيرة، مما دفع المنصة إلى إعادة التداول مرة أخرى ولكن بقيود شديدة.

– دور إيلون ماسك في إحداث الكارثة

جميعنا يعرف الملياردير المجنون “إيلون ماسك” مؤسس شركة تسلا وسبيس إكس وغيرها من الشركات ذات الطابع الفريد.

فقد قام مرة أخرى كما فعل مسبقَا بإشهار تطبيق سيجنال وإبرازه كبديل لتطبيق واتساب بعد مشكلة الخصوصية.

وما قام به من دعم البيتكوين مما دفعه إلى الزيادة من ٢٣ ألف دولار إلى ٣٤ ألف دولار.

والدوج كوين الذي إرتفع هو الآخر أرتفاعاً جنونياً، فكانت قيمته السوقية حوالي ٤ مليار دولار، لتصبح قيمته ١٤ مليار دولار بسبب تغريدة إيلون ماسك.

قام إيلون ماسك بفعل نفس الشئ مع شركة جيم ستوب! كتب كلمة واحدة فقط.. Gamestonk!! وشارك رابط لمنتدى وول ستريت بيتس على ريديت، فتهافت الآلاف على شراء سهم جيم ستوب.

لكن برأيك هل هناك سبب لإقدام إيلون ماسك على مساندة على محاربة حيتان وول ستريت والوقوف إلى جانب شركة جيم ستوب؟!

نعم هناك سبب.. ففي بداية تأسيس سبيس إكس وتسلا حدث معه شئ مشابه في محاولات من صناديق التحوط لإضعاف أسهم شركاته، فرأى إيلون ماسك فرصة سانحة للإنتقام من هؤلاء الحيتان.

بالفعل! ما حدث لأسهم جيم ستوب بعد تغريدة إيلون ماسك هو قفز السهم من ٤ دولار إلى ١٤٧ دولار ثم ٢٣٠ دولار ثم ٣٢٥ دولار.. أمر جنوني.. أليس كذلك!

هكذا يمكن أن يتغير كل شئ بكلمة واحدة فقط أو كلمتين من أحد رجال الأعمال المشاهير.

في الوقت الحالي سهم جيم ستوب يصعد تارة ويهبط تارة، لكن لن ينسى حيتان وول ستريت هذه الضربة من قبل هواة وول ستريت، الكارثة تكمن في ضياع مليارات الدولارات بطريقة قد تتسبب في أزمة إقتصادية جديدة.

حتى وإن تداركت صناديق التحوط هذه الخسائر شيئاً فشيئاً إلا أن الحرب لم تنتهي بعد، ويبدو أننا سنشهد أموراً عجيبة داخل الـ”وول ستريت” في الأيام القليلة المقبلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *